Friday, November 28, 2008

الحمد لله

أعرف أني قد وعدتكم بإكمال الحديث عن جلسة القهوة و حديثي مع أصدقائي عن سيد الرجال تيمور الشجيع. لكن هذه الخاطرة ألحت علي ذهني ليومين متتاليين لذا قررت مشاركتكم فيها قبل أن أكمل كلامي عن تيمور.
كنت في المترو متجهاً إلي محطة وادي حوف حيث بيتنا العزيز عندما تداعت هذه الأفكار في ذهني, لا أدري لمَ تذكرت Note كتبتها شيرين صديقتي من فترة تحت عنوان "حبة تفاؤل" علي ما أذكر. كان في ذهني منذ فترة أن أعلق عليها لكنه العمل حاربه الله لا يمنحني أي وقت للتأمل ولا التفكير. المهم أن موضوع هذه ال Note كان حمد الله علي علي ما صَغُرَ من أشياءٍ في حياتنا اليومية. لذا ومع إعتذاري لشيرين علي سرقةِ موضوعها هذا ما جاء في مخيلتي رغم انها ليست
كلها مما صغر من أشياء لكنها من أكثر ما أحمد الله عليه

الحمد لله علي عملي , صحيح أني لا أنتهي منه عادة قبل الواحدة و النصف صباحاً, وأضطر للإستيقاظ في السابعة والربع صباحاً لألحق بالBus لكني أحمد الله عليه, لأن الله وفقني إلي عمل أحبه . وأحمد الله علي هذا العمل عندما أري الشباب في مثل سني حين أذهب مع أصدقائي يوم الخميس إلي أحد المقاهي بعد العمل, أحمد الله عندما أراهم لا هم لهم إلا الصراع علي من فاز علي من في معركة "الطاولة" البارحة أو من هزم الجميع في "بولة الإستيميشن" أمس الأول. عملي يشعرني أن لي هدفاً و أن فائدةَ ما تعود علي هذا العالم من وجودي فيه.
الحمد لله الحمد لله علي وقت فراغي, صحيح أني لا أملك منه الكثير لكني أملك ما يكفي لأمارس بعض نشاطاتي و هواياتي و لا يزيد بما يجعلني أمِلُ أو أضل. ويحضرني هنا حديثٌ عن رسول الله صلي الله عليه وسلم لا أذكرُ سنده الأن لكني واثق من صحته ,قرأته في صحيح أبو داوود. عندما نزلت سورة التكاثر وقرأ الرسول عليه الصلاةُ و السلام الأية " ثم لتُسألُنَ يوم إذٍ عن النعيم" . سأله أحد الصحابة, "أي نعيمٍ يا رسول الله و إن هما إلا الأسودان (يقصد التمر و الماء), فقال عليه السلام "نعمتان مغبون (أي مضلومُ بجهله بهما) فيهما كثيرٌ من الناس. الصحة والفراغ" صدق رسول الله. فالحمد لله علي أوقات فراغي. و الحمد لله الذي علمني كيف أستغل هذه الأوقات. الحمد لله الذي علمني و حبب إلي القراءة ب"إقرأ بإسم ربك الذي خلق" و الحمد لله الذي وهبني أن أكتب مثل هذا ب "ن و القلم وما يسطرون" .

الحمد لله علي أصدقائي. أصدقاء دراستي الذين لازمتهم منذ الطفولة, أصدقائي الذين تعرفتهم في كليتي, أصدقائي الذين عرفتهم في كل شركةٍ عملت بها, أصدقائي الذين تعرفتهم في عالم ال internet الواسع من كل بلدان العالم, أصدقائي الجدد الذين عرفتهم من أقل من عام ليصبحوا من أقرب أصدقائي إلي قلبي.أصدقائي من جيراني. مجموعات و مجموعات من الأصدقاء.اللهم بارك لي فيهم جميعاً.

الحمد لله علي عائلتي.. صحيح أنها ليست كبيرةً عدداً وليست أكثر عائلات الدنيا تحاباً و تماسكاً إلا أن أسرتي الصغيرة علي الأقل هي الأقوي ترابطاً علي الإطلاق. أبي وأمي هما نموذج لأبناء الطبقة المتوسطة الموشكة علي الإنقراض. أبي ناصري حتي النخاع , كان عضواً في لجنة حي عابدين في الإتحاد الإشتراكي. وكان في شبابه في هيئة الدفاع المدني. نزل إلي الطريق مع رفاقه ليكونوا في جيش الدفاع الذي كُوِنَ للدفاع عن العاصمة أيام النكسة. و إمتزج مع والدتي بألافٍ مؤلفة نزلت تنادي ناصر ليعود بعد التنحي.. أما والدتي فهي نموذج للتفاني, أم مصرية باسلة, تحملت ولا تزال مكاره الحياة بإبتسامة و تفاؤلٍ في غد أفضل ممثل في أولادها.. لا هم لها إلا راحتنا ولا شاغل لها إلا سعادتنا. اللهم بارِك لي في أسرتي.

الحمد لله علي كوني من الطبقة المتوسطة المنقرضة. ولطالما تعجب أصدقائي من سعادتي الشديدة بهذا, ولكني أعتقد أن السبب واضح. فكوني من أبناء الطبقة المتوسطة يجعلني قادراً علي التعامل مع جميع طبقات المجتمع بل والإندماج معها حتي يحسبني من لا يعرفني أحد أبنائها.
فأنا يوماً أجلس في مقهي بحارة من حارة من شارع ضيق في أحد أحياء القاهرة القديمة , مع مجموعة من العمال والبوابين وأبنائهم من أصدقائي. يحبونني و أحبهم و أجد فيهم رغم كل عيوبهم دفئً أفتقده. وتجدني في الصباح التالي أتناول إفطاري مع جدي و أصدقاءه Miller و jeason رؤساء مجلس إدارة ال British Gas إحدي أكبر شركات البترول الإنجليزية. وأذهب لأتناول غذائي المفضل "بابا عبدو Liver pasta " لأنهي يومي بحفل إستقبال في السفارة الإيطالية مع denise صديقتي الإيطالية العزيزة.
وأنا لا أفوت فرصة أن أتناول سحوري في أول أيام رمضان مع أصدقائي ف الجحش بالسيدة زينب , أو علي عربة فول دقدق في شارع حسن الأكبر بعابدين لأُفطر في اليوم التالي بأعظم T-Bone steak في Rostry's. وحين تعطلت سيارة أحد أصدقائي ونحن معا لم أبحث عن هاتفي المحمول لأقول"ماما ماما تعالي خديني يا ماما" وإنما بحثت عن شنطة العدة لنتناوب أنا و هو في الزحف تحت السيارة و محاولة إصلاحها حتي نجحنا. والخلاصة يا رفاق أني أحمد الله كثيراً أني لستُ "الواد بلية" الذي لا يعرف ما هو إختراع ال kleenex و لكني أيضا لا أرتدي الجينز أبو حجر تحت الركبة و لا "أجلجل" شعري بموضة ال"سبايكي" كما قالها أحمد حلمي في فيلمه الشهير. ( الخلاصة الحمد لله علي الثانوية العامة والله يخرب بيت ال IGCSE اللي ضيعت الرجالة وجابتلنا أشباه و مسوخ. و يخرب بيت الجهل و ورش الميكانيكا اللي جابتلنا عيال بتشم كلة طول اليوم.)

الحمد لله علي الإيمان . الإيمان بأي شئ وليس فقط إيماني بالله عز وجل و إن كان هذا بالقطع أعظم ما أشكرُ الله عليه. ولكني أيضاً أحمد الله علي قدرتي علي الإيمان بشئٍ ما, قضية, شخص, مبدأ. أو حتي أمل أو حلم. الإيمان يا رفاق هو ما يجعلنا نستمر, هو ما يجعلنا نحتمل و نصارع و نغالب و ننكسر لننهض. هو ما يجعل عقلي لا يذهبُ شعاعاً حين أري كم الظلم الذي نكابده و حجم الهوان الذي صرنا إليه, هو ما يجعلني أستيقظ في الصباح لأحمد الله علي يومٍ جديد مؤمناً أنه فرصة للتعويض و مجال لأغتنم ما فاتني من خير علي كل المستويات. وهو فترة سماح مدها الله عز وجل لي و لكل من طلعت عليه شمس ذاك اليوم لنكون كما أراد لنا , ولنكون كما أردنا لأنفسنا أيضاً.. الإيمان يارفاق -لي علي الأقل - كدورة التبريد في المفاعلات النووية, بدونه كنت بالتأكيد سأنفجر مفجرأ كل ما و من حولي. الحمد لله علي أن قد هداني للإيمان به سبحانه و منحني القدرة علي التشبث به و المقدرة علي الإيمان بأحلامي وإستطاعتي تحقيقها بعونه.

وأخيرا وليس أخراً فإني أحمد الله علي شئ لا أدري أيحق لي بإنسانيتي المتواضعة و عصياني إياه أن أجرؤ عليه لكني دائماً ما أفعل . إني أحمد الله علي أنه هو الله لا إله إلا هو. أحمد الله علي أنه لم يتركنا لغيره ليتسلط علينا, الحمد لله علي أنه الله, لا إله إلاه.الحمد لله علي أن ليس فيهما إله غير الله.

وأحمد الله علي كونه كما أخبرنا عن ذاته سبحانه. أحمد الله علي كماله فخلق لنا عالماً متكاملاً كاملاً لا ينقص و لا يزيد ولا يختل. و أحمد الله علي جماله فخلق لنا ما تقشعر له الأبدان من الجمال و ما نهتف أمامه بتسبيحه تعالي من الطبيعة و خلقنا نحن في أحسن تكوين. الحمد لله علي قدرته فتولنا و أجري مقاديرنا الحمد لله علي رحمته خلقنا بها و دبر لنا كونً بأكمله مسخراً حباً فينا و رحمةً بنا. جاء في الأثر أن الله خلق الرحمة فجعلها مائة جزء. أبقي منها تسعاً وتسعين عنده وأنزل جزءً واحدا,فمنه تتراحم الخلائق حتي ترفع الشاةُ حافرها عن وليدها. الحمد لله علي كل صفةٍ من صفات ذاته سبحانه.

و الحمد لله الذي هدانا لحمد الله. فاللهم لك الحمد علي ما هديتنا من طرق الحمد .

Thursday, November 13, 2008

تيمور يا ..راجل

كنا جلوساً أنا ومجموعة من أصدقائي من النوع الذكوري بمقهانا المفضل , في تجمعٍ إعتدناه ليلة الخميس, لا أذكر الأن ما الذي أثار الموضوع لكننا كنا دائما ما نثير مواداً للحديث و تزجية الوقت , مستمتعين بصحبةِ بعضنا البعض و دفئ المكان (فلابد أننا كنا شتاءً), كان الموضوع قيد الحديث في تلك الليلة هو الموضوع المتجدد الشائق الشائك "أخر الأفلام العربية بالسنيما" وهو موضوع علي قدر كبير من الأهمية كما ترون.

تزامن هذا الخميس مع مرور بضعة أيام أو أسابيع لا أتذكر تحديداً علي عرض فيلم أحمد السقا الجديد-حينذاك- "تيمور و شفيقة" . إذا كنت لم تشاهد هذ الفيلم بعد أنصحك بمشاهدته فهو سنيما راقية من حيث الصناعة, تصوير جيد, إخراج لا بأس به علي الإطلاق, موسيقى تصويرية معبرة. هذا بالإضافة إلي الحضور الطاغي لنجمي الفيلم الشابين أحمد السقا و مني زكي, الفيلم في مجمله ظريف و يستحق المشاهدة.

و قد إنهالت تعليقات الإعجاب من أصدقائي بالفيلم و إخراجه وتصويره وتمثيله وما إلي ذلك. لكن ما أثار حنقي حقاً هي نقاط ثلاث كانت من أشد ما أعجب أصدقائي في هذ الفيلم أو بمعني أدق في الشخصية الرئيسية فيه " تيمور" ضابط الشرطة الهمام المكلف بالحراسات الخاصة.

النقطة الأولي هي كيف أنه رياضي رشيق القوام مشدود الظهر مفتول العضلات شلولخ. النقطة الثانية هي قدرته الفائقة (في نظرهم) علي السيطرة علي مشاعره لمدة سبع سنوات تعامل فيها مع شفيقة التي يحبها و تحبه علي أنها "أخته الصغيرة" كما جاء في حوار الفيلم. النقطة الثالثة والأخيرة والأكثر أهمية هي كم و حجم وكيفية سيطرته علي شخصية شفيقة, وإطاعتها التامة له, النسخة العصرية من سي السيد هو في نظرهم, هو الرجل كما ينبغي أن يكون, وهي "شفيقة" فتاة أحلام, متدينة,جميلة, مثقفة, عاملة, ولكنها في ذات الوقت تعملُ ألف حساب لزوجها المستقبلي, وتطيعه طاعة شبه عمياء.

ولأن الجلسة ذكورية الطابع, ولأن عدداً لا بأس به من أصدقائي من المتزوجين حديثاً, فقد لاقى هذا الإتجاه في الحديث قبولاً تاماً. لذا فما أن خرجت بعض الجمل من فمي إلا و إنهال علي التقريع من جميع الإتجاهات. وكان كل جرمي أن أعلنت في صراحة رأيي في الفيلم عامةً و هو ما ذكرته أنفاً, و رأيي الشخصي المتواضع في النقاط الثلاث التي حازت أكبر الإعجاب.
وكان هذا ما قلت في برأة غير متخيل لحجم السخط الذي لاقيته :

أولاً- كون تيمور يملك مواصفات جسدية جيدة من ناحية التكوين العضلي فهذا لا فضل شخصي له فيه, فهو ضابط حراسات خاصة أي أنه تلقي ما يكفي من التدريبات و الرعاية الصحية التي "نتجت" عنها حالته الجسمانية, ثم إن إهتمامه بصحته و لياقته جزء لا يتجزء من عمله . لذا فلا ثناء مُستحق ولا إعجاب واجب.
إن الإنبهار الزائد بهذه النقطة يبدو في نظري كالإنبهار بأسد يعرف كيف يصطاد غزالاً, أو دودة قز تستطيع إنتاج الحرير. لا أنكر هنا فضل الشخصية "تيمور" في إجادة عمله, لكن الإشادة التي أراه مستحقها هي علي قدر تفانيه في عمله مستغلاً إمكانيته الجسدية التي حباه بها الله و نُميت له من خلال تدريبات فرضت عليه فرضاً و من خلال عمل يتطلب الإبقاء علي هذه القدرات و إلا فقده.

ثانياً -قدرته ال"فائقة" علي السيطرة علي مشاعره هي في نظري درب من الحماقة اللامتناهية !!
ماذا جني هو أو جنت المسكينة التي أحبته من قرار أهوج إتخذه في لحظةِ غضب؟!!
ماذا كسب إلا الندم الذي هو لابد معانيه بعد أن أضاع سبع سنواتٍ من عمرهما كان من الممكن قضاؤها معاً.
أي غباء و أي سذاجةٍ في التفكير بل و أي جنون هذا!!! .
إن الرجل الحق في نظري هو من يتراجع عن خطأه و يعلن ندمه عليه بل و يعتذر للمسكينه التي عذبها معه بلا طائل.

هنا يا رفاق إنفتحت علي رأسي أبوابُ الجحيم, غضب أصدقائي غضبةً عاتية وهاجوا و ماجوا و أرغوا وأزبدوا.. كيف تصل بي الوقاحة أن أطلب من شخص تيمور البطل المغوار و الرجل الأكيد و الفارس الوحيد و الجدع الشديد , كيف أطلب منه الإعتذار و هز صورته وقيمته و سيمته في عيني فتاته.

يالهم من سذج.. لم أكن أتصور أن بيننا من لا يزال يري في الإعتذار نقصً للقيمة و مضيعةً للهيبة .. ما زال بعضنا يتخيل أن تراجعه عن خطأه و إعلانه ذلك, هو خطأ في حد ذاته. خاصةً لو كان المعتذرُ رجلاً..و هو إثمٌ لا يغتفر و جريمةٌ كبري إذا كان المعتَذَر له إمرأة, لكن هذه الفعلة الشنعاء تصل إلي درجة الكبائر عند البعض إذا كانت المرأة المعتذر لها هي إمرأته.. زوجة, حبيبة أو حتي عشيقة. فالرجل الحق كما يتصور هؤلاء لا يعتذرلإمرأته قط . لأن هذا كما يزعمون ينقص من قدره عندها و يُجرِأُها عليه..وينطبق نفس المنطق علي أولادهم, فلا إعتذار للأبناء أبداً, أسألهم سؤالاً واحدأ صغيرأً إذا كان من أخطأت بحقه صديقك أو زميلك بالعمل, أما كنت لتعتذر؟.. أيهم أقربُ إلي قلبك إذاً و أولي بإعتذارك؟!! أيهم له الحق الأكبر عليك يا..يا رجل..

إن الرجل يا سادة الرجال هو من لا تـأخذه العزةُ بالإثم فيتمادي في خطأٍ هو يعلمه. هو من يملك من الشجاعة الأدبية ما يكفي ليعترف بخطأه و يطلب الصفح من مَن أضرهم بخطأه لا لشئ إلا أنهم مطالبين بطاعته.
ينطبق هذا علي الرجل في بيته مع زوجه وأولاده, و المدير في عمله, والرئيس في حكومته, و الوزير في وزارته ولو أن من يتولون أمورنا رجالٌ حقاً لأعلنوا إستقالتهم جميعاً و طلبوا الصفح من هذا الشعب المعذب, لكنهم أمثالنا و ما جاؤا إلا منا, يرون أن إعتراف المسؤل بخطأه عيب و نقص. نشأوا علي نفس المفاهيم البالية و إنتقلت معهم من بيوتهم إلي مواقع مسؤلياتهم. إن الرجل الحق هو من يملك من الحكمة و رجاحة التفكير ما يكفي ليتقبل الحقيقة البسيطة وهي أن الإنسان ليس معصوماً إلا من رحم ربي. ولا بد له أن يخطأ ولا بد أن يعتذر حين يخطأ.. هذا جزءٌ لا يتجزأ من طبيعة البشر, لا خجل منه ولا مهرب. أما أن يعتقد الشخص أنه في مصاف الأنبياء, فلا خطأ يصدر عنه ولا إعتذار يجب عليه أبدا, فهذا هو العيب و النقصية وعدم إكتمالٍ الرجولة.

ثم دائما ما حِرتُ في التفكير, لمَ نعتبر نحن الشرقين التعبير عن المشاعر عيباً و جريمةً كبري؟!! و نعتبر السيطرة عليها و ضغطها في بوتقةٍ من حديد سيطرةً علي النفس و تحكمأ مبهراً في الأحاسيس و قوةَ شخصية!!. بدا هذا التفكير واضحاً في إجماع أصدقائي تقريباً علي الإعجاب بسيطرة تيمور علي مشاعره لسنوات. ولماذا نلجأُ لفيلم , كم مرةً سمع أحدنا بل و ربما قال الإكليشيه الخالد لأي طفل "مفيش راجل بيعيط ,إنت سامع"
ولمَ لايبكي الرجال ؟!! أهم من حديد قُدوا؟!! أم من نحاسٍ قلوبُهم؟!! . لطالما كرهت هذه الكلمات بالذات و لطالما حاربت هذا الغباء. إنظروا حولكم يا سادة , كم من أشباه رجالٍ حولنا.. فشلوا في حياتهم, فشلوا في علاقاتهم , لأنهم لا يحسنون التعبير ولا يجيدون البكاء, لا يستطيعون إخراج ما يكامدون في صدورهم, شخصياتُ مشوهة ممسوخة, لأن "مافيش راجل بيعيط"..
والله إني ما شعرتُ قط بنفس الراحة ولا القدرة علي المواصلة ومواجهة مكاره الحياة علي قدر ما أشعر بعد بكائي علي صدر أمي أو كتف حبيبتي.

أما عن النقطة الثالثة فلها مرةٌ قادمة خصيصاً حيث لا يتسع وقتي الأن لأقص عليكم ما قلت و ما تلقيتُ من ردود. ولا لأن أعبر عن أرائي المتواضعة في نموذج سي السيد العصري الذي قدمه الفيلم. لكن لنا لقاءً قريباً بإذن الله.

أعلم جيداً أن كلماتي هذه ستفتح علي أبوباً لا حصر لها من الجدال و النقاش بل و ربما الإهانات, لكني أنطق فقط بما أقتنع به و بما أطبقه علي نفسي في حياتي قبل أن أطالب به الأخرين. و أنا لها, ميدان النقاش مفتوح , وحتي أُقنع من لم يقتنع بما قلت أو يقنعني أحدهم بخطأ أي رأي مما قلت. ساعتها أعدُكم..سأعتذر

خالد وحيد
القاهرة, في 13/11/08

Friday, October 31, 2008

‏الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ‏


أعرفُ أني لا أملكُ من العلم ما يسمحُ لي بمجرد التفكير في كتابةِ معني حرفٍ واحد من كتاب الله, لكني لا أكتب معنيً هنا ولا أدعي علماً ولا أطلب تصديقاً لما ستقرأون, فقط هي خاطرةٌ رأيتُ تدوينها لن يضر مع علمي أنه لن ينفعَ أيضاً فأنا أقلُ شأناً بكثير من أن أعطي علماً نافعاً خاصةً في مجال الدين. لذا أرجو منكم جميعاً تصحيح أي خطاٍ تجدونه ها هنا بلا إبطاء ولو كان خطاً إملائياً.

أيةٌ من كِتاب اللهِ الكريم هي, هي الأيةُ الثامنة عشر من سورة الزٌمٌر. سمعناها كثيراً سمعتُها كجزءٍ تقليدي من خاتمةِ خطبة الجمعة الماضية, فوجئتُ بإسترسال أفكاري, دعوني أشارِكُكم فيها

لننظر إلي لفظةِ القرأن الكريم يَسْتَمِعُونَ
سَمِعَ لفلان أو إليه أي إستقبل ما يقول بأذنيه و أدرك بعقله. إستمعه أو إليه أي أصغي و أنصت.
إختار الله عز وجل لفظةَ يستمِعون بديلاً عن يسمعون , ليوضح لنا أن الحالةَ هنا تتجاوز الإستقبال بالأذن بل و الإدراكَ بالعقل ,إنها أعمقُ من هذا, إنه الإنصات و الإصغاء, التركيز و التفاعُل. إستقبال,فهم,تحليل,إدراكٌ لما بين السطور وإستيعابٌ لما وراء الكلِمات. فقط عندما نكون في هذا الحال ونحنُ نتلقي ما يبثُ إلي عقولِنا عبر أسماعِنا و أبصارِنا نكون تحت مظلةِ حمايةِ من عقولِنا التي تنقي وتنقح ما يُمَرُر إلينا. ثُم إختيار الزمن المضارع , كلنا يعرف أن المضارع هو الإستمرارية, فلم يأتِ اللفظ إستمعوا وإنما جاء في حال المضارعة ليدل علي أنهم دائما ما ينصتون في حال التلقي.

نأتي بعدها للفظةِ القول
إنها ليست قولاً ليست منكرةً لتدل علي العموم, لكنها معرفةٌ تدل علي خصوص, لأنهم هم نفسهم من قال فيهم عز و جل "الذين هم عن اللغو معرضون".ان تعريف لفظةِ قولٍ هنا جاء ليدل علي أهميةِ هذا القول و أنه مضادٌ اللغو. فهم يستمعون - بكل معني الإستماع- فقط لما ينفعُ من الحديث ويُعرِضون عن ما لاطائل من وراءه من الكلام. إنظروا لعظمةِ ألفاظِ القراّن الكريم. هم ينصتون و يصغون ويعقلون بكل جوارِحهم ولكن فقط للقول الحسن وليس للغط الحديث فتخيلوا حجم الإستفادة لشخصِ لا يضيعُ وقته قط في سماع -ناهيك عن قول- ما لا فائدة من وراءه بل إنه-ذاك الشخص- يعطي كل مايملك من فهمٍ و إدراك ليعي خير الحديث.

ثم كلمة فَيَتَّبِعُونَ
ف- يا الله- الفاء دوناً عن كل حروف العطف. كلنا أيضا يعرف معني الفاء في حروفِ العطف. السرعة, المتابعة , لا فارق زمني تقريباً بين الحدثِ المعطوف وذاك المعطوفِ عليه. إنهم يستمعون, يدرِكون, فإذا ما إطمئنت قلوبُهُم لما إستمعوا من خير الحديث , بادروا بالتنفيذ فوراً بلا تلكأٍ ولا إبطاء.لا وقت لقياس المصالح, لا وقت للتفكير في منفعةٍ زائلة. لا خوف من إتباع ما أدركوا أنه صواب, لا تردد.

فَيَتَّبِعُونَ , يَتَبِع, ليست يَتبَع برغم أنهما نفس الحروف في نفس الترتيب ولكنها روعةُ لغةِ القراّن, العربيةُ التي ننتمي إليها ونحنُ عليها وصمةُ عار. يتبع بفتحِ الياء و التاء وكسرِ الباء هي صيغةٌ أدقُ و أقوي تعبيراً من نفس معني يتبع بفتح الياء وتسكين التاء و فتح الباء. كلتاهما تعني السير علي درب و إتخاذ المسلك الذي أخذهُ المُتَبع (إسمُ الفاعل). لكن الإتِباع من لفظةِ إتبع وليس من تبع . الإتباع يكون أغلب ما يكون للإمام, لننظر إلي المعني القراّني في ظل هذه الحقيقة. إن المولي سبحانه يصوِرُ لنا حال هؤلاء بأنهم عندما يستمعون فيدركون فيتبعون, فكأنما ما إستمعوه من هّدي الحديث أصبح إماماً لهم. يطيعونه بكل حذافيرِه و بصغِيريه قبل كبيرِه.

سبحان الله العظيم, أربعُ لفظاتِ هن الدقةُ التامة في التعبير و البلاغة المطلقة و أقصي ما يمكن أن يدرك بشر من جمال تركيب كلمات.
صدق الله العظيم.

Tuesday, October 28, 2008

سحابةٌ سوداء

حالة غريبة من الملل تنتابني هذه الأيام. أشعر بها تغزو روحي, تتسلل عبر ثنايا عقلي وحنايا نفسي كسمٍ ناقع. احسها تجذبني بعيداً رويدأً رويدأً لأصل إلي مكانٍ مجهول, لم تطأه قدما بشر من قبل, وهناك ستظهر لي وجهها الحقيقي , وجه مارد يأس قاتل. لتفتك بي في ظلمات نفسي ,هناك بعيداً ن كل من أستطيع الإستغاثة به. أعلم أن هذا ما سوف يحدث أستشعر مقدمها في نخاع عظامي, لكني عاجزٌ عن المقاومة غيرُ راغبٍ فيها. مستسلم لما هو أتٍ بلا إرداةٍ للنجاة, حتي ولو في صورة صرخة إستنجاد قبل أن يغيب عن ناظريَ كل ما أستطيع التشبث به لأبقي هنا لأبقي حياً.
يقولون أن هناك موت للمخ, وهناك الموت الذي نعرفه جميعاً أو الموت الإكلينيكي كما يسميه الطب. و بالقياس فلابد أن نعتقد في وجود نوع من أنواع موت الروح, موت الإرادة , موت النفس. لا أدري أيها أصح تسميةً, فليسمها كُلٌ بما شاء, لكنها بالتأكيد حالة وفاة.

شئ ما بداخلي يحتضر, ربما ينتحر, ربما يُقتَل الأن بينما أتكلم, لكني.. لا أبالي..