Thursday, November 13, 2008

تيمور يا ..راجل

كنا جلوساً أنا ومجموعة من أصدقائي من النوع الذكوري بمقهانا المفضل , في تجمعٍ إعتدناه ليلة الخميس, لا أذكر الأن ما الذي أثار الموضوع لكننا كنا دائما ما نثير مواداً للحديث و تزجية الوقت , مستمتعين بصحبةِ بعضنا البعض و دفئ المكان (فلابد أننا كنا شتاءً), كان الموضوع قيد الحديث في تلك الليلة هو الموضوع المتجدد الشائق الشائك "أخر الأفلام العربية بالسنيما" وهو موضوع علي قدر كبير من الأهمية كما ترون.

تزامن هذا الخميس مع مرور بضعة أيام أو أسابيع لا أتذكر تحديداً علي عرض فيلم أحمد السقا الجديد-حينذاك- "تيمور و شفيقة" . إذا كنت لم تشاهد هذ الفيلم بعد أنصحك بمشاهدته فهو سنيما راقية من حيث الصناعة, تصوير جيد, إخراج لا بأس به علي الإطلاق, موسيقى تصويرية معبرة. هذا بالإضافة إلي الحضور الطاغي لنجمي الفيلم الشابين أحمد السقا و مني زكي, الفيلم في مجمله ظريف و يستحق المشاهدة.

و قد إنهالت تعليقات الإعجاب من أصدقائي بالفيلم و إخراجه وتصويره وتمثيله وما إلي ذلك. لكن ما أثار حنقي حقاً هي نقاط ثلاث كانت من أشد ما أعجب أصدقائي في هذ الفيلم أو بمعني أدق في الشخصية الرئيسية فيه " تيمور" ضابط الشرطة الهمام المكلف بالحراسات الخاصة.

النقطة الأولي هي كيف أنه رياضي رشيق القوام مشدود الظهر مفتول العضلات شلولخ. النقطة الثانية هي قدرته الفائقة (في نظرهم) علي السيطرة علي مشاعره لمدة سبع سنوات تعامل فيها مع شفيقة التي يحبها و تحبه علي أنها "أخته الصغيرة" كما جاء في حوار الفيلم. النقطة الثالثة والأخيرة والأكثر أهمية هي كم و حجم وكيفية سيطرته علي شخصية شفيقة, وإطاعتها التامة له, النسخة العصرية من سي السيد هو في نظرهم, هو الرجل كما ينبغي أن يكون, وهي "شفيقة" فتاة أحلام, متدينة,جميلة, مثقفة, عاملة, ولكنها في ذات الوقت تعملُ ألف حساب لزوجها المستقبلي, وتطيعه طاعة شبه عمياء.

ولأن الجلسة ذكورية الطابع, ولأن عدداً لا بأس به من أصدقائي من المتزوجين حديثاً, فقد لاقى هذا الإتجاه في الحديث قبولاً تاماً. لذا فما أن خرجت بعض الجمل من فمي إلا و إنهال علي التقريع من جميع الإتجاهات. وكان كل جرمي أن أعلنت في صراحة رأيي في الفيلم عامةً و هو ما ذكرته أنفاً, و رأيي الشخصي المتواضع في النقاط الثلاث التي حازت أكبر الإعجاب.
وكان هذا ما قلت في برأة غير متخيل لحجم السخط الذي لاقيته :

أولاً- كون تيمور يملك مواصفات جسدية جيدة من ناحية التكوين العضلي فهذا لا فضل شخصي له فيه, فهو ضابط حراسات خاصة أي أنه تلقي ما يكفي من التدريبات و الرعاية الصحية التي "نتجت" عنها حالته الجسمانية, ثم إن إهتمامه بصحته و لياقته جزء لا يتجزء من عمله . لذا فلا ثناء مُستحق ولا إعجاب واجب.
إن الإنبهار الزائد بهذه النقطة يبدو في نظري كالإنبهار بأسد يعرف كيف يصطاد غزالاً, أو دودة قز تستطيع إنتاج الحرير. لا أنكر هنا فضل الشخصية "تيمور" في إجادة عمله, لكن الإشادة التي أراه مستحقها هي علي قدر تفانيه في عمله مستغلاً إمكانيته الجسدية التي حباه بها الله و نُميت له من خلال تدريبات فرضت عليه فرضاً و من خلال عمل يتطلب الإبقاء علي هذه القدرات و إلا فقده.

ثانياً -قدرته ال"فائقة" علي السيطرة علي مشاعره هي في نظري درب من الحماقة اللامتناهية !!
ماذا جني هو أو جنت المسكينة التي أحبته من قرار أهوج إتخذه في لحظةِ غضب؟!!
ماذا كسب إلا الندم الذي هو لابد معانيه بعد أن أضاع سبع سنواتٍ من عمرهما كان من الممكن قضاؤها معاً.
أي غباء و أي سذاجةٍ في التفكير بل و أي جنون هذا!!! .
إن الرجل الحق في نظري هو من يتراجع عن خطأه و يعلن ندمه عليه بل و يعتذر للمسكينه التي عذبها معه بلا طائل.

هنا يا رفاق إنفتحت علي رأسي أبوابُ الجحيم, غضب أصدقائي غضبةً عاتية وهاجوا و ماجوا و أرغوا وأزبدوا.. كيف تصل بي الوقاحة أن أطلب من شخص تيمور البطل المغوار و الرجل الأكيد و الفارس الوحيد و الجدع الشديد , كيف أطلب منه الإعتذار و هز صورته وقيمته و سيمته في عيني فتاته.

يالهم من سذج.. لم أكن أتصور أن بيننا من لا يزال يري في الإعتذار نقصً للقيمة و مضيعةً للهيبة .. ما زال بعضنا يتخيل أن تراجعه عن خطأه و إعلانه ذلك, هو خطأ في حد ذاته. خاصةً لو كان المعتذرُ رجلاً..و هو إثمٌ لا يغتفر و جريمةٌ كبري إذا كان المعتَذَر له إمرأة, لكن هذه الفعلة الشنعاء تصل إلي درجة الكبائر عند البعض إذا كانت المرأة المعتذر لها هي إمرأته.. زوجة, حبيبة أو حتي عشيقة. فالرجل الحق كما يتصور هؤلاء لا يعتذرلإمرأته قط . لأن هذا كما يزعمون ينقص من قدره عندها و يُجرِأُها عليه..وينطبق نفس المنطق علي أولادهم, فلا إعتذار للأبناء أبداً, أسألهم سؤالاً واحدأ صغيرأً إذا كان من أخطأت بحقه صديقك أو زميلك بالعمل, أما كنت لتعتذر؟.. أيهم أقربُ إلي قلبك إذاً و أولي بإعتذارك؟!! أيهم له الحق الأكبر عليك يا..يا رجل..

إن الرجل يا سادة الرجال هو من لا تـأخذه العزةُ بالإثم فيتمادي في خطأٍ هو يعلمه. هو من يملك من الشجاعة الأدبية ما يكفي ليعترف بخطأه و يطلب الصفح من مَن أضرهم بخطأه لا لشئ إلا أنهم مطالبين بطاعته.
ينطبق هذا علي الرجل في بيته مع زوجه وأولاده, و المدير في عمله, والرئيس في حكومته, و الوزير في وزارته ولو أن من يتولون أمورنا رجالٌ حقاً لأعلنوا إستقالتهم جميعاً و طلبوا الصفح من هذا الشعب المعذب, لكنهم أمثالنا و ما جاؤا إلا منا, يرون أن إعتراف المسؤل بخطأه عيب و نقص. نشأوا علي نفس المفاهيم البالية و إنتقلت معهم من بيوتهم إلي مواقع مسؤلياتهم. إن الرجل الحق هو من يملك من الحكمة و رجاحة التفكير ما يكفي ليتقبل الحقيقة البسيطة وهي أن الإنسان ليس معصوماً إلا من رحم ربي. ولا بد له أن يخطأ ولا بد أن يعتذر حين يخطأ.. هذا جزءٌ لا يتجزأ من طبيعة البشر, لا خجل منه ولا مهرب. أما أن يعتقد الشخص أنه في مصاف الأنبياء, فلا خطأ يصدر عنه ولا إعتذار يجب عليه أبدا, فهذا هو العيب و النقصية وعدم إكتمالٍ الرجولة.

ثم دائما ما حِرتُ في التفكير, لمَ نعتبر نحن الشرقين التعبير عن المشاعر عيباً و جريمةً كبري؟!! و نعتبر السيطرة عليها و ضغطها في بوتقةٍ من حديد سيطرةً علي النفس و تحكمأ مبهراً في الأحاسيس و قوةَ شخصية!!. بدا هذا التفكير واضحاً في إجماع أصدقائي تقريباً علي الإعجاب بسيطرة تيمور علي مشاعره لسنوات. ولماذا نلجأُ لفيلم , كم مرةً سمع أحدنا بل و ربما قال الإكليشيه الخالد لأي طفل "مفيش راجل بيعيط ,إنت سامع"
ولمَ لايبكي الرجال ؟!! أهم من حديد قُدوا؟!! أم من نحاسٍ قلوبُهم؟!! . لطالما كرهت هذه الكلمات بالذات و لطالما حاربت هذا الغباء. إنظروا حولكم يا سادة , كم من أشباه رجالٍ حولنا.. فشلوا في حياتهم, فشلوا في علاقاتهم , لأنهم لا يحسنون التعبير ولا يجيدون البكاء, لا يستطيعون إخراج ما يكامدون في صدورهم, شخصياتُ مشوهة ممسوخة, لأن "مافيش راجل بيعيط"..
والله إني ما شعرتُ قط بنفس الراحة ولا القدرة علي المواصلة ومواجهة مكاره الحياة علي قدر ما أشعر بعد بكائي علي صدر أمي أو كتف حبيبتي.

أما عن النقطة الثالثة فلها مرةٌ قادمة خصيصاً حيث لا يتسع وقتي الأن لأقص عليكم ما قلت و ما تلقيتُ من ردود. ولا لأن أعبر عن أرائي المتواضعة في نموذج سي السيد العصري الذي قدمه الفيلم. لكن لنا لقاءً قريباً بإذن الله.

أعلم جيداً أن كلماتي هذه ستفتح علي أبوباً لا حصر لها من الجدال و النقاش بل و ربما الإهانات, لكني أنطق فقط بما أقتنع به و بما أطبقه علي نفسي في حياتي قبل أن أطالب به الأخرين. و أنا لها, ميدان النقاش مفتوح , وحتي أُقنع من لم يقتنع بما قلت أو يقنعني أحدهم بخطأ أي رأي مما قلت. ساعتها أعدُكم..سأعتذر

خالد وحيد
القاهرة, في 13/11/08

2 comments:

  1. It's like I didnt know you man, great work I just love your thoughts, w kaman ana 3agabny fel film en elle bt2ol 3leh da kan wade7 aslan, the character wasn't y3ni betgamel sha7'seyet se el sayed it was showing it be7yadeya be kol 3yobo w 3enado elle daya3 meno 7abebto ma 3alena, you are great can't wait to read point number 3 :)

    ReplyDelete
  2. Well !! first i really liked your post alot :)) and let's start by saying it's a movie "Turns the imperfection to be perfection" and in other words as it's said "Perfection is Only in heaven and in mOvies" :))
    As for the first point .. what's the prob.! people are sometimes dazzled by things when they lack tehm sOooo tb2o rO7oo el Gym and care for your health like him ! :)
    Point Two .. this is not a positive point in the situation nafso bta3 el film .. may be it's positive in many other things as it shows how persistent he is in decisions and situations ! but his persistence in the movie was out of being stubborn and selfishness ! so he simply lost 7 yrs doin nuthin except losing 7 good years with someone he loves ! :)
    and if we talked about the point u were discussing ya Khaled concerning "Men confessing their mistakes and apologize" ! i really wOnder .. are there still exists those people who believes to confess u were wrong .. regret and apologize makes u seem weak !!
    believe it .. that's what always bring many things in our life backwards .. because to confess u've been mistaken is the ultimate strength and never meant to be a point of weakness ! Being stubborn against ur mistakes makes it all grow negatively depper and deeper !

    and for the third point b2a :) .. still there're those who treat their husbands this way .. it's only you who can let her deal in such a manner !! ya3ni mn el a7'er shOfo taymour kan by3mel eh w b3deen etklemooo .. and by the way ya Khaled i hate this so-called "Si El Sayed" .. and this decent manner she'd been treating him with .. i call it a manner that cOmes out of respectance , love and understanding between them not just orders to Obey !

    bss keda :D .. waiting for the coming part !;)

    ReplyDelete