يضيع من قدمَي الطريق,يتلاشى خلف خطواتي مجهولٌ لينبت أمامها مجهول جديد..طريقٌ لا أدري أين بدايتها و لا أعلم لها من نهاية.
لا أتذكر ما الذي ألقي بي في هذي البئر العميقة من اللاشئ!! صحيحٌ أني قد بدأت المسير مدركاً الخطر, بل راغباً به, لكنَ شاطيء النجاة كان دائما ملئ عيني و منال يدي و إطمئنان روعي. لم ألحظ متي فقدت طوق نجاتيَ الأخير, ولا متي غاب عني زورق الحياة..لم أدري متي إنتهت "المغامرة محسوبة العواقب" لتبدأ روحي تهيم في أرض اللاإنسان..كل ما أدرك أني قد افقت لأجدني بلاشئ , لا شيء معي , لا شئ حولي, لاشئ علي مرمي أنظار عيناي ولا قلبي ,لا بصر يبصُر ولا بصيرة تهدي. بل ولا شئ بداخلي. حالةٌ قصوى من الضياع لم أعش مثلها قط..
ريحٌ تعصف بما بقي من معالمِ الطريق..
تتطاير مع كل خطوة أخطوها الملامح , تتبدل ألوان المألوف الدافئة لتغيب في سوادٍ قارص البرودة, يتأكل كل أملٍ في نجاة.. أي شكلٍ من نجاة..
هبةٌ أخري للريح أشد قسوة, يكاد يفلتُ من يدي..تتشبث أصابعي به بإستماتة..إنه أملي الأخير..بئر الحياة الوحيد في صحراء الضياع.. أثرٌ باقٍ من دليلٍ قادني يوماً في التيه..أتشبثُ به كغريقٍ بأنامل منقذيه..كرضيعٍ في الفطام بثدي أمه..كنخلةٍ بجذورها في أرض..
تتحرك يدي به في حركة ٍ محمومةٍ نحو أنفي.. أتنفسه أستنشقه أتمني لو أن أنفاسي إستطاعت أن تحمله معها إلي داخلي.. ليستقر جوار قلبي مؤنساً وحدته, مهدئا روعه, مثبتاً جزعه, مطمئناً فزعه.. نعم, مازال يحمل عبيرها..ترياق الحياة الذي كانت تتطيبُ به, مزيجٌ من الحنان و الشجن, كأنهم قطروا حلاوةَ الحزنِ ليخلقوا منها إكسيرأً سحرياً لا يعرف سره سواها..
أسيرُ في غيبوبةٍ من خيالاتي لتتوه قدماي أكثرَ فأكثر في ذات اللاطريق..لكني مستمرٌ في المسير علني إذا أصل..
أجدها بإنتظاري...
No comments:
Post a Comment